لاحظت إلي برشة أصدقاء من التيار الحداثي (أو ممن يدعون الإنتماء إليه) قاعدين يدافعوا بشراسة على عقوبة الإعدام تجاه الأشخاص إلي قاموا بإغتصاب مراهقة وقتل عجوز منذ أيام.
في الحقيقة، بشاعة الجريمة تخليني نتفهم موقفهم، نظرا لأنه الرغبة في الإنتقام هي إحساس بشري وغريزة حيوانية متناسبة (proportionnelle) مع أحاسيس بشرية أخرى (كيما الشعور بالظلم أو بالقهر أو بالغضب أو بالحزن أو بالشفقة، إلخ...).
إلي نعيبو عليهم هو أنهم ماهمش واعين إلي موقفهم ماهو إلا تعبير على غريزة، وأنهم يدافعوا عليه بحجج واهية، اخطرها محاولة إدخاله تحت لواء منظومة حقوق الإنسان... كيما ألفة يوسف مثلا إلي إدعات في تدوينة فايسبوكية أنه حقوق الإنسان ما تستعرفش بالناس إلي "لا علاقة لهم بالإنسانية" و دعات لتعذيب الجناة حتى الموت... في حين أنه كلامها خال من الصحة، بل العكس هو الصحيح : على عكس جميع الشرائع والإيديولوجيات الأخرى، منظومة حقوق الإنسان هي الوحيدة إلي تضمن نفس الحقوق لمن يؤمن بها ولمن لا يؤمن بها و حتى لمن يغتصبها كليا كيما الارهابيين أو المجرمين الكبار. ومن بين الحقوق هاذي : الحرمة الجسدية.
يقول القايل، علاش ؟ صحيح إلي للوهلة الأولى، تبدو الأمور غير عادلة وغير عقلانية... كيفاش واحد يضرب ويغتصب ويعذب ويقتل وما يستاهلش حتى أنه يتعدم ؟ الإجابة هي أنه الشخص هذا هو بيدو، من منظور فلسفي و علمي، ضحية... ضحية عدد كبير من العوامل (الجينية و النفسية و التربوية و العقلية و الإدراكية و اللاواعية و المادية و الجنسية، إلخ...) إلي خلاتو يتصرف اكاكا... و كانت تخلي أي واحد فينا يقوم بنفس الجريمة كان جاء في بلاسطه.
هذا ما يمنعش أنه يلزم يكون فما عقوبة، خاطر غياب العقوبة ينجم يكون هو بيدو عامل (إضافي) يخلي ناس اخرين يقومو بنفس الجريمة... إذن الإشكال الفلسفي القائم لهنا (ولي ما عندوش إجابة مثالية) هو شنية يلزم تكون هالعقوبة ؟ وما هي مدى شدتها ؟ أما الأكيد أنه، من منظور إنساني، يلزمها تراعي الظروف والأسباب إلي تخلي الشخص يكون مجرم ويلزم تحترم حرمته الجسدية، مع (أهم حاجة) محاولة معالجته (إذا يشكو من أمراض عقلية أو نفسية).
بي آس : الحجج إلي من نوع "تصور كان جيت إنت في بلاصة الضحية... تصور كان جات بنتك... تصور كان جات أمك، إلخ..." هي حجج فاقدة للأمانة الفكرية : ما إنجموش نكونوا موضوعيين في تقييمنا إذا الحكاية تمسنا شخصيا... بالطبيعة، حتى معارضي عقوبة الإعدام، إذا تصير الجريمة هاذي على إنسان عزيز عليهم، من المرجح أنهم يخضعوا لغرائزهم وكان يلقاو يقتلوا المجرم بأنفسهم، خاطر بش يكونوا في وضعية خاصة جدا تسلبهم عقلانيتهم وتخليهم يتصرفوا، حصريا، بالعاطفة.... ونجمو نتفهمو أنه إنسان يتصرف بالعاطفة أما أنه القانون أو القضاء يكونوا مبنيين على العاطفة فهذه حاجة لا يمكن تفهمها أو تقبلها في بلاد تحترم روحها.